random
أخبار ساخنة

لماذا اسقط الاهالى وزير التربية والتعليم؟ واطلقوا عليه الطاغية؟

الصفحة الرئيسية

الطاغية وزير التربية والتعليم

قبل عدة أيام، ظهر وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد اللطيف وشرح النظام الجديد أو المنظومة التعليمية الجديدة ، والحقيقة أنه قبل أن نتحدث أو نحكم على التجربة التي نحن جميعًا، وأنا معكم فيها، دعوني أولاً أحكي لكم قصة صغيرة ، القصة بدأت في منتصف عام 2010. خلال تلك الفترة، بدأت تظهر أصوات وتنتشر حملات على الإنترنت. كانت هذه الحملات تحمل شعار "فليسقط الطاغية".

فليسقط الطاغية

من هو الطاغية

حسنًا، من هو الطاغية؟ قالوا إن الطاغية هو وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد زكي بدر، لأنه حارب موضوع الكتب الخارجية، ففجأة في منتصف عام 2010 أصدر قرارًا يحمل الرقم 52. وجاء في المادة الرابعة من القرار ما معناه أن أي شخص يرغب في تأليف أو طباعة أو نشر أو توزيع الكتب الخارجية يجب عليه أولاً أن يدفع مقابل حق الانتفاع بالمادة العلمية، وإلا فلن يكون هناك تراخيص. 

وإذا طبق كتاب واحد، سنصدر له ما هي المادة العلمية الموجودة في الكتب؟ الوزارة هي التي وضعتها. فلا تأتوا أنتم وتستفيدوا من هذه المادة العلمية بسهولة وتعيدوا تأليفها ونشرها وطباعتها وتحققوا الملايين من وراء أولياء الأمور والطلاب، والنتيجة هي أن الطلاب يعزفون أو يهربون من الاعتماد على الكتاب المدرسي. 

فأصحاب المطابع ودور النشر قالوا: "حسنًا يا سيادة الوزير، ما هي طلبات الوزارة؟ نحن تحت أمركم". فجاء الوزير ولعب معهم بمنتهى الذكاء، فقال لهم: "كل مادة ستكون لها حق انتفاع مخصص لها، وسنبدأ معًا سنة بعد سنة ومادة بعد مادة ،  فعلى سبيل المثال حق الانتفاع للمادة الواحدة في الصف الأول الابتدائي هو 400000 جنيه. 

في الصفين الثاني والثالث الابتدائي، حق الانتفاع للمادة الواحدة هو 500000 جنيه. تستمر المبالغ وحق الانتفاع في الزيادة حتى نصل إلى الصف الثالث الثانوي، حيث حق الانتفاع للمادة العلمية الواحدة يصل إلى مليون جنيه، باستثناء مادة الرياضيات التي قرر أن يكون حق الانتفاع لها مليون و800 ألف جنيه". 

موقف أصحاب المطابع

أول ما سمع أصحاب المطابع هذا الكلام، كانوا سيجنون ويحتجون قائلين: "يا الله! أنت بهذا تريد أن تخرب بيوتنا. إذا جمعنا رسوم حق الانتفاع لجميع المواد التي ذكرتها، سنصل في النهاية إلى 45 مليون جنيه، ولم نطبع أو ننشر أو نوزع أو نفعل أي شيء بعد، وفي النهاية سنجد أنفسنا مضطرين لبيع الكتاب الواحد بسعر يتراوح بين 300 إلى 500 جنيه.

 ولا تنسَ عزيزي القارئ أن هذا الكلام كان في عام 2010، وبالطبع كان من المستحيل على أي ولي أمر أن يشتري كتابًا خارجيًا بهذا السعر في ذلك الوقت." فرد عليهم بمنتهى الهدوء والبساطة قائلاً: "والله هذا هو الكلام الذي لدي، إذا أعجبكم أهلاً وسهلاً، وإذا لم يعجبكم، اضربوا رؤوسكم في الحائط".

 وعن تحدٍ لهم، ذهب ليقضي عطلته. من هنا، ذهبوا لبعضهم البعض ورفعوا دعوى قضائية ضد الوزير، وأرسلوا له إنذارًا على يد محضر حتى وصل إلى مكتبه، وطالبوه في الإنذار بأن يتراجع عن القرار. وزيادة في الجرأة، كتبوا له في الإنذار أن قراره هذا هو احتكار للعلم وحرمان للجمهور من التعلم والتعليم والدراسة.

 وبعد ذلك، بدأ الوزير يشن حملة شرسة جداً ضدهم. فيوما بعد آخر كان يظهر على التلفاز أو الراديو يحذر الطلاب وأولياء الأمور من شراء أي كتاب خارجي، ويقول لهم: "واحدة واحدة سنجعل كتاب المدرسة أفضل من الكتب الخارجية". خلال تلك الفترة، حدث شح رهيب جداً في الكتب الخارجية لأول مرة وآخر مرة في نفس الوقت. 

وكانت الكتب تُطبع بأعداد قليلة جداً جداً في السر وتوزع في السر أيضاً. وصلت الأمور إلى درجة أن أي ولي أمر يريد شراء كتاب خارجي يلف جميع المكتبات ولا يجد أي كتاب. حتى أصحاب المكتبات الفرعية كانوا يذهبون إلى المكتبات الرئيسية في القاهرة ليستلموا الكتب من السوق السوداء وفي شوارع جانبية حتى لا يُقبض عليهم، وكانوا بالضبط كأنهم يبيعون مخدرات وليس كتباً. 

حسنًا، هل الوزير اكتفى بذلك وانتهى؟ أبداً، فبعد ذلك بدأ البحث عن المسؤولين داخل الوزارة. أي شخص كانت تحوم حوله الشبهات وثبت ضده أنه كان يتعاون أو يتدخل مع مافيا الكتب الخارجية، كان يُصدر قراراً باستبعاده فوراً. ستقول لي: "حسنًا، هذا جيد جداً أن الرجل كان يحارب الكتب الخارجية، إذًا الأمور جيدة". سأرد عليك وأقول: "والله كنت أتمنى أن أقول لك إن الأمور جيدة، ولكن ما حدث بعد ذلك هو الذي جعل الأمور ليست جيدة".

موقف أولياء الأمور

 تخيل معي الآن من كان يهاجم الوزير ويقف ضده؟ أولياء الأمور! نعم، لا تستغرب. أولياء الأمور كانوا هم من يهاجمون الوزير ويقفون ضده. كانوا يهاجمونه. وتزامن ذلك أيضاً مع المطابع التي تعمدت أن تتأخر في طباعة الكتاب المدرسي حتى يغضب الأهالي ويزداد غضبهم ضد الوزير.

 في نفس الوقت، تزامن ذلك مع قرار الوزير بتحويل بعض المدارس القومية إلى مدارس تجريبية. بعد اتخاذ هذا القرار، زاد الغضب ضد الوزير أكثر فأكثر. بالطبع، مافيا الكتب الخارجية لم يفوتوا فرصة مثل هذه، فبدأوا في تحريض الأهالي وأولياء الأمور أكثر فأكثر ضد الوزير، واستغلوا الطلاب وأولياء الأمور وحولوهم تماماً إلى وقود ليشعلوا بهم النيران. 

حتى وصل الأمر إلى أن أولياء الأمور هم الذين بدأوا يطلقون الحملات ويرفعون شعارات "فليسقط الطاغية". وكان ولي الأمر بالضبط يبحث عن الجلاد ليجلده، ولو لم يجده فهو الذي يجلد نفسه بنفسه. استمرت الحرب الشرسة بينهم وبين مافيا الكتب الخارجية ووزير التربية والتعليم الدكتور أحمد زكي بدر على هذا النحو حتى صدر قرار المحكمة بتأييد قرار الوزير.

 ولكن كان قدر الله سبحانه وتعالى أنه بعد أسابيع قليلة اشتعلت ثورة 25 يناير عام 2011، ولم يستمر الوزير سوى سنة واحدة فقط من يناير 2010 إلى يناير 2011. وبعدها، يا سيدي الفاضل، عادت ريما لعادتها القديمة، وتوحشت واستفحلت مافيا الدروس الخصوصية ومافيا الكتب الخارجية حتى وصلنا إلى الحال الذي نحن فيه الآن.

الخلاصة

نتعلم من هذه القصة انه كلما جاء وزير ليصلح حال التعليم في مصر بالأسلوب الخاص به ورؤيته لهذا الإصلاح ، ومحاولته في التخفيف من العبء على أولياء الأمور ، للأسف الشديد نجد ان أولياء الأمور انفسهم هم الذين يقفون ضد هذا الإصلاح والتصدي لقرارات الوزير بحجة ان هذا ضد مصلحة أبنائهم ، وفي الحقيقة ان هؤلاء أولياء الأمور ينظرون تحت اقدامهم فقط ولا يرون الهدف البعيد من تلك القرارات، افيقوا أيها الناس.
google-playkhamsatmostaqltradent